تلخيص محاور مجزوءة الوضع البشري درس التاريخ
المحور الاول : المعرفة التاريخية
- موقف بول ريكور :
كتابة التاريخ مسالة صعبة، فمعرفتنا بالتاريخ لا تعد حقيقة مطلقة بل هي معرفة نسبية غير أنها ومع ذلك تعد معرفة علمية موضوعية.يؤكد بول ريكور أن المعرفة التاريخية معرفة مبنية حسب منهج مفكر فيه من طرف المؤرخ.
فالمنهج العلمي له خصائصه ومميزاته كما أن للمنهج التاريخي توجهاته وأدواته التى تتمثل في الوثيقة التاريخية كأداة دالة على فعل معين يمكن تفسيره وتحليله بمنطق علمي إعتمادا على مبادئ علمية تؤدى لا محالة إلى نتائج موضوعية وبالتالي يؤكد ريكور على ضرورة الممارسة المنهجية العلمية للوصول إلى المعرفة التاريخية أما بالنسبة لريمون أرون فيقر وبشكل صارم كون المعرفة التاريخية بالماضي معرفة صعبة ومستعصية وتتطالب جهدا كبيرا وتوظيفا لعدة وسائل وعمليات تحليل وتفسير وفهم ونقد لأن أساس الحاضر هو الماضي هذا الحاضر الذي تسهل علينا معرفته لأن هذه المعرفة تلقائية وعفوية في حين يعتبر الماضي الغابر ماضيا مجهولا خاصة عندما نريد إعادة بنائه وذالك لكون الماضي مليء بمجموعة من الدلالات والرموز التي لا نستطيع فهمها كما نحن نفهم العالم الذي يحيط بنا بمختلف تجلياته ومكوناته.
- موقف ريمون ارون :
معرفة الإنسان بالتاريخ عملية صعبة ما دامت تعتمد على استخراج دلالة الوثائق والمعطيات والآثار المنتسبة إلى الماضي، فالمؤرخ مطالب بالتزام الموضوعية وأن يعيش على المستوى الذهني في اللحظة التاريخية التي يريد أن يدرسها.يؤكد ريمون أن المعرفة التاريخية محاولة لإعادة بناء الحياة الماضية من خلال الاستعانة بمخطوطات ووثائق مختلفة. ومن ثم تكون المعرفة التاريخية مستقلة عن التجارب التي يعيشها الناس في الحاضر.
إن الحاضر يمثل فضاء عاما يمكن الناس من معرفة تلقائية و شائعة حول سلوكياتهم و أفكارهم. إلا أن الأمر يختلف تماما فيما يخص المعرفة التاريخية ،لأنه يصعب أن يتمثل الناس كليا الحياة كما كانت في الماضي ،و بتعبير أوضح ستظل المعرفة التاريخية غير قادرة على جعل المعاصرين يستشعرون فهم الناس الذين عاشوا في الماضي سواء في حياتهم و الطريقة التي كانوا يتمثلون بها سلوكياتهم و أفكارهم.
المحور الثاني : التاريخ وفكرة التقدم
- موقف كارل ماركس :
يتقدم التاريخ نحو الأفضل بفعل التناقض بين الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وينتهي هذا التناقض بميلاد مجتمع جديد وبالتالي تاريخ جديد.ينظر ماركس إلى التاريخ باعتباره صيرورة مادية وتاريخية مرتبطة أساسا بالتناقض الحاصل بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج، إن الحياة المادية حسب كارل ماركس تحدد سيرورة الحياة الفكرية عموما، إن تطور قوى الإنتاج المادية يؤدي إلى تناقض هذه الأخيرة مع علاقة الإنتاج ،مما يؤدي إلى تغيرات اجتماعية على شكل ثورات، و هكذا يتطور تاريخ البشرية.
- موقف ميرلوبونتي :
تسلسل أحداث التاريخ يجعلها خاضعة لمنطق يتصف بكونه منفتحا على احتمالات جديدة، ولهذا لا يمكن الحكم على التاريخ لأنه خاضع لمبدأ السببية الحتمية.يؤكد أن للتاريخ منطقه الخاص فهو من جهة عبارة عن تراجيديا واحدة تتأطر داخلها جميع الأحداث، ومن جهة أخرى يلاحظ أن مكونات تلك التراجيديا تتنامى بشكل متسلسل وتعاقبي نحو نهاية معينة، وبما أن التاريخ يعتبر نسقا منفتحا فإن ذلك ما يسمح بوجود فجوات تؤثر في انتظام سيرورة الوقائع: فقد يحدث أن تختل العلاقة الجدلية بين الشروط الاقتصادية والشروط الأيديولوجية، بحيث يسبق النضج الأيديولوجي النضج الاقتصادي، كما يمكن أن تزيغ دينامية التاريخ عن الأهداف المرسومة والغايات المتوقعة، لكن ذلك لا يبيح التخلي عن الاعتقاد بوجود "منطق للتاريخ"، لأن هذا سيفسح المجال لاعتبار التاريخ مجرد احتمالات ضمن سلسلة من الممكنات.
المحور الثالث : دور الانسان في التاريخ
- موقف هيجل :
ليس الانسان سوى وسيلة في يد التاريخ، إن التاريخ بمكره يوهمه أنه صانع التاريخ غير انه لا ينفد سوى ارادة التاريخ وفق مسار الروح المطلق.يعتقد هيغل أن التاريخ يعرف صيرورة تعبر فيها الفكرة المطلقة عن ذاتها، كما أن العظماء من الناس يدركون أن وجودهم لا يتحدد في تحقيق غايات خاصة بهم، فالتاريخ ليس تحقيقا لما ينجزه الناس من أفعال راهنية، وإنما التاريخ بناء متجدر في طبيعة الإنسان يتجه نحو تحقيق ما هو كوني، وإذا انتهى الأبطال والعظماء إلى الموت الذي هو مصيرهم، فلا تبقى سوى الغايات التي من أجلها كرسوا أنفسهم، إن التصور الهيغلي لدور الإنسان في بناء التاريخ هو تصور جبري، لأن هيغل يعتقد أن الكون هو استلاب للفكرة المطلقة، ومن ثم تكون جميع أفعال الإنسان تعبير عن تلك الروح الموضوعية التي تعبر عن نفسها في جميع منجزات الإنسان.
- موقف سارتر :
الإنسان صانع التاريخ بفضل ما يتمتع به من الحرية والوعي و القدرة على الاختيار بين إمكانات متعددة، وصناعة التاريخ تستوجب استحضار الوعي و المسؤوليةوعلى عكس ذلك حاول سارتر أن يؤكد أن الإنسان هو الذي يصنع تاريخه، وبهذه الكيفية يعيد الفيلسوف النظر في المفهوم الماركسي للتطور، لأن سارتر يرفض أن تتحكم الشروط الموضوعية في الناس وإلا أصبحوا مجرد آلات، وينطلق من أن الإنسان يتميز بقدرته على تجاوز الأوضاع القائمة، ويغير من تأثير الشروط المادية باعتباره مشروعا، فالمشروع يمثل قدرة الإنسان على الخلق والإبداع ضمن حقل الممكنات التي تنفتح أمام الذات، هكذا يكون الإنسان هو صانع تاريخه من خلال قدرته على تجاوز وضعه الراهن، وممارسة مشروعه من خلال التعبير عن حريته في اختيار إحدى الممكنات وتحقيقها.
- شاهد ايضا باقي دروس مجزوءة الوضع البشري : درس الشخص وايضا درس الغير